أمين جمعية الخطاطين لـ"محيط" :
الخط مفتاح الهوية وحاله في مصر لا يسر
مدير جمعية الخط العربي
محيط - رهام محمود
محمد حمام .. عشق الفن والخط العربي ، وامتزجت حياته بتفاصيل الخطوط ودلالاتها، قضى ستين عاما عابداً في محرابها يحمل على كاهله ضريبة الفنان والخطاط المبدع ، تجاوز من العمر خمسة وسبعين عاما،عمل أربعين عاما بالصحف ،وقام بتدريس الخط ، تم تكريمه مرتان إحداهما في معهد الموسيقى في دار الأوبرا المصرية مع بليغ حمدي، وسيد مكاوي، وصلاح جاهين، وعمر خيرت، ونجاه الصغيرة، والأخرى كانت من قبل وزارة الثقافة في نفس العام خلال معرض للخط العربي بالإسكندرية.
عشقه وولعه بالفن والخط العربى جعلته نموذجا مميزا للفنان الغيور على فنه، يراه مظلوم وسط موجات الاهتمام بالفنون الأخرى، التقت شبكة الإعلام العربية "محيط" به وكان لنا معه هذا الحوار:
محيط: حدثنا عن أعمالك خلال مراحلك الفنية المختلفة؟
جميع أعمالي أتناول فيها الخط العربي بكل أنواعه، شاركت في العديد من المعارض، كما كنت قوميسيرا لمعرض الخط العربي في بلغاريا، وعملت أمين صندوق الجمعية المصرية العامة للخط العربي، ولم تتاح لى فرصة المشاركة في أي عمل خطي يتبع وزارة الثقافة، لعدم وجود أي نشاط بها يخص الخط العربى ،و أقوم بتعليم الخط فى الأتيلية الخاص بى بدون مقابل، بعد إهمال وزارة التربية والتعليم له، وأقوم بتدريس الخط في الفترة الصيفية لجماعة النشاط الثقافي بجامعة حلوان.
محيط: ما تقييمك لما وصل إليه الخط العربي في مصر، مقارنة ببلدان العالم؟
للأسف الشديد فإن خريجين الجامعة هنا لا يعرفون الكتابة العربية، ولهم عذرهم لأن من علمهم أيضا كان خطهم سيئا أيضا ،وحاليا يتخرج 1400 متخصص بالخط العربي ولا يجدون وظيفة لهم ، فهل الدولة تريد القضاء على اللغة العربية بتجاهل عين اللغة وهو الخط ، فعدم الإهتمام به يعنى القضاء عليه ، ولننظر للمواد الإعلامية والإعلانية المنتشرة بالعامية الرديئة حولنا .
أقول ذلك رغم يقيني بأن مصرسيدة الفنون، وعلى رأسها الخط العربي، وكان هذا الخط موضع رعاية في العهد الملكي لمصر ، أما الآن فنجد أن دولة مثل الإمارات وخاصة دبي والشارقة وأبو ظبي قد سحبوا السجادة من تحت أقدامنا في هذا المجال واقاموا للخط مؤتمرات سنوية ومسابقات تمنح بها الجوائز ، لتضم هذه الإمارات فى كنفها جميع خطاطي العالم ، إضافة لتركيا التي أصبحت سيدة الخط العربي حاليا ، في الوقت الذي لا تمتلك هذه الدول مدرسة واحدة للخط وتوجد لدينا في مصر .
لذا أطالب الفنان محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية، والفنان فاروق حسني وزير الثقافة وضع ميزانية وخطة لمعارض الخط العربي.
محيط: ماهى بالتحديد أهم المشكلات التى تواجه الخط العربي فى مصر؟
الخط هو هويتنا، ومن لم يكن عنده هوية يكون إنسانا ضائعا، وضياع اللغة العربية يعني ضياع الإسلام ؛ لأن العربية هي لغة القرآن الكريم، وكيف يتعلم القرآن شخص لا يجيد الخط ، وأرى أن وزارة الثقافة رغم إقامتها لبعض المؤتمرات للخط إلا أن هناك حالة عامة من الإهمال ، كما أن وزارة التربية والتعليم استبعدت مادة الخط العربي من المناهج الدراسية واكتفت بتدريسه فحسب بكلية الفنون الجميلة والتطبيقية والتربية الفنية .
ومنذ خمس سنوات وعد قطاع الفنون التشكيلية في عهد الفنان الدكتور أحمد نوار بإقامة بينالي للخط العربي، ،و معرض كبير وبالفعل أقيم في قصر الفنون، وكنت أحد أعضاء لجنة التحكيم به، وكان من المقرر وقتها إقامة بينالي للخط العربي بعد عامين، ومنذ عام 2000 وحتى الآن لا يتم أي شيء.
يعتقد البعض أن الخط فن متأخر ، ولكن الحقيقة أنه يعود لأكثر من مائة عام ، وحينما احتل الإنجليز مصر نقلوا لنا فكرة لافتات الشوارع واختاروا لكتابتها ثلاثة خطاطين – حاصلين على البكوية – وهم محمد جعفر ، محمد محفوظ ، وشريف بدوي ، ولننظر لشكل لافتات الشوارع الحالية أصبحت قميئة لا تقرأ ، في حين تباع نظيرتها القديمة بآلاف الدولارات في جاليرهات أوروبا حاليا .
محيط: كيف يمكن تطوير الخط العربي؟
لكي نتقدم في الخط العربي لابد أن يدرس معلم اللغة العربية الخط، كي يصبح خطه جيدا جدا، حتى يتعلم منه التلاميذ بعد ذلك، كما أتمنى أن تضم كل مدرسة معلم للخط العربي، وبهذا سنعيد الأصالة إلى حد ما، وقال الله في كتابه الكريم " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" فالذكر هو القرآن، والخط أداة من أدوات حفظ كتاب الله .
محيط: حدثنا عن أنواع الخطوط المختلفة؟
الخط الأساسي هو الخط "الكوفي"، الذي تولد منه الخط "الثلث" - عمدة الخطاطين – ثم الخط "العربي التح"، الذي تولد منه أيضا خط النسخ، وحدث تزاوج ما بين خطى النسخ و التعليق الذي يسمى "بالنستعليق" وأطلق عليه "الفارسي"، وبعدهم يأتي خط الرقعة الذي انطلق من تركيا أثناء الثورة العثمانية، ثم الديواني المشتق من الرقعة لكتابة الشفرة، التي يستخدمونها في الجيوش والحكومات، وهذا يصعب قراءته إلا أنه يحمل نواحي جمالية كثيرة، ورقيق جدا، وحتى الآن يستخدم في مكاتبات وزارة الخارجية والقصور الملكية والجمهورية في شهادة البراءات، وكذلك المكاتبات ما بين الوزارات.
هذه الأنواع الستة تدرس في مدارس الخطوط، لكن يوجد خطوط أخرى كخط "الإجادة" وهو يبتدئ بالنسخ وينتهي بالثلث، وخط "جلي الديواني" وهو خط ديواني يجمع ما بين الخط الفارسي والخط الديواني، ويستخدم في لوحات الخطاطين لأنه يحمل شكلا جماليا.
محيط: هل يتم تسويق لوحات الخط العربي عالميا؟
بالطبع ، ويقام له معارض في الكويت وأبو ظبي ودبي وغيرها من الدول الأخرى وتجد من يقتنيها وتباع بأسعار غالية؛ لأنهم يشعرون بالخط العربي، وللأسف المصريون لا يشعرون بذلك لأنه لا يوجد نشاط له. وللأسف أنني عضو مجلس إدارة الخط العربي في وزارة التربية والتعليم، وحينما طلبت إقامة مدرسة نموذجية في كل محافظة، كي تخرج خطاطين جيدين، يستطيعون الحفر على الرخام والزنك وممارسة كل فنون الخط، فوجئت بقول المسئول "كل هذا لأجل الخط العربي؟" .
محيط: باعتبارك أمين عام جمعية الخطاطين، ما هي أهم أهداف هذه الجمعية؟
أهدافنا هي ضم الخطاطين للبحث في قضايا الخط العربي، وإيجاد مدرس خط في التعليم الأساسي الجامعي للخرجين، وكذلك إقامة جسرا مابين وزارة التربية والتعليم ووزارة الثقافة، وهذا ما فعلناه منذ إنشائها عام 1995 ، مع الفنان أحمد نوار حين أقام لنا معرضا كبيرا، والدكتور نصر الأنصارى، وحاليا نحاول عمل نقابة للخط العربي، والأوراق
من أعماله
موجودة في مجلس الشعب وننتظر الموافقة عليها، وبالفعل حددنا مقرها فى مرسم الفنان مسعد خضير البورسعيدي رئيس الجمعية.
محيط: في رأيك من أبرز فناني الخط العربي في مصر، ومن هو مثلك الأعلى؟
يوجد خطاطون كثيرون جدد في مصر، أهمهم وأشهرهم خضير البورسعيدي، محمود إبراهيم سلامة، سيد إبراهيم، محمد عبد القادر، محمد حسني، وعددا كبيرا من الشباب المميز.
أما عن مثلي الأعلى فهم كل أساتذتي، وكل الطلبة الذين علمتهم وتعلمت منهم، وأنا اعتبر قدوتي ومثلي هو محمد حسني والد الفنانتين نجاه الصغيرة وسعاد حسني.