كان النبى صلى الله عليه وسلم خلال هذه الفترة كلها ’ يعرض نفسه فى مواسم الحج من كل سنة على القبائل التى تتوافد الى البيت الحرام ’ يتلو عليهم كتاب الله ويدعوهم الى توحيد الله فلا يستجيب له أحد .
يقول ابن سعد فى طبقاته : كان الرسول صلى الله عليه وسلم يوافى الموسم كل عام يتبع الحاج فى منازلهم فى المواسم بعكاظ و مجنة وذى المجاز ’ يدعوهم الى ا، يمنعوه حتى يبلغ رسالات ربه ولهم الجنة ’ فلا يجد أحد ينصره ’ ويقول
يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا وتملكوا بها العرب وتذل لكم العجم ’ وإذا آمنتم كنتم ملوكاً فى الجنة ) وأبو لهب وراءه يقول : ( لا تطيعوه فإنه صابىء كاذب) فيردون علي رسول الله أقبح الرد ويؤذونه .
وروى ابن اسحاق عن الزهرى أن النبى صلى الله عليه وسلم أتى بنى عامر بن صعصعة ’ فدعاهم الى الله عز وجل ’ وعرض عليهم نفسه ’ فقال رجل منهم يقال له بحيرة بن فراس : والله لو أنى أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب ’ ثم قال أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من خالفك ’ أيكون لنا الأمر من بعدك ؟ قال الأمر الى الله يضعه حيث يشاء ’ قال ’ أفتهدف نحورنا للعرب دونك ’ فإن أظهرك الله كان الأمر لغيرنا ؟ لا حاجة لنا بأمرك .
وفى السنة الحادية عشر من البعثة عرض نفسه على القبائل شأنه فى كل عام ’ فبينما هو عند العقبة ( موضع بين منى ومكة منها ترمى جمرة العقبة ) لقى رهطا من الخزرج أراد الله بهم الخير ’ فسألهم : ( من أنتم ؟)
قالوا : نفر من الخزرج
قال : أمن موالى يهود ؟
قالوا : نعم قال : أفلا تجلسون أكلمكم ؟
قالوا : بلى فجلسوا معه فدعاهم الى الله عز وجل وعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن .
وكان مما مهد أفئدتهم لقبول الإسلام أن اليهود كانوا معهم فى بلادهم ومعلوم أنهم أهل كتاب وعلم ’ فكان إذا وقع بينهم وبين اليهود نفرة أو قتال ’ قال لهم اليهود : إن نبياً مبعوث الآن قد أطبل زمانه ’ سنتبعه ونقتلكم معه قتل عاد وإرم . !
فلما كلم الرسول هؤلاء النفر ودعاهم الى الإسلام نظر بعضهم لبعض وقالوا : ( تعلموا والله أنه للنبى الذى توعدكم به يهود فلا يسبقنكم إليه ) فأجابوه الى ما دعاهم إليه من الإسلام ’ وقالوا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة و الشر ما بينهم ’ فعسى أن يجمعهم اله بك ’ فسنقدم عليهم فندعوهم الى أمرك ’ ونعرض عليهم الذى أجبناك إليه من هذا الدين فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك . ثم إنصرفوا ووعدوه المقابلة فى الموسم المقبل