أربعة خطوط تستطيع أن تتعلمها بدون معلم
إعداد : خليل الكوفحي
يتميز الخط العربي عن بقية الخطوط في اللغات الأخرى، بأنه قابل للتزيين والتجميل والزخرفة، من غير ان تضاف إليه أشياء تجمله.
ولهذا… فإن الخط ينمي في الإنسان الحس الجمالي، ويجعله يتذوق الجمال الفني؛ لأن الخط إذا بلغ حداً من الاتقان والتفنن أصبح فناً كالرسم، خاصة إذا ذكرنا أن لكل حرف شكلاً خاصاً، ونسبة معينة من الطول والعرض والارتفاع والانخفاض والتوازي والانحناء، فضلاً عما للكلمات من التناسب مع بعضها… مما يؤدي بالمرء إلى تذوق الجمال حيثما وجده، يحسه ويستجيب إليه، ثم ينعكس هذا الشعور على سلوكه وحياته، فيطبعها بطابع التناسق والانسجام.
وقد اعتمدت أربعة خطوط في هذا الكتاب لممارستها كنشاط لا منهجي وهي: الخط الكوفي، خط الرقعة، الخط الديواني والديواني الجلي، وذلك للأسباب التالية:
1. سهلة التعليم.
2. يمكن تشكيل وتنفيذ أعمال خطية منها.
3. ميول عدد كبير من الناس لاستعمالها.
4. عدم التعقيد في تشكيلاتها.
5. قابلية عناصرها التشكيلية للزخرفة والتلوين.
6. تستطيع ان تتعلمها بدون معلم .
تقنيات وأدوات الخط العربي
1. القلم وهو ثلاثة أنواع:
- القلم التقليدي (البوص).
- قلم الريشة (سن حديد).
- القلم الجاهز (اللباد).
القلم التقليدي ويصنع من البوص أو الخشب وهو بحاجة إلى تجهيز بعدة مراحل قبل الكتابة به وهذه المراحل هي:-
1. الفتح لعمل الخرطوم
2. نحت الجوانب والبطن الداخلي للبوص وذلك لعمل الجلفة.
3. شق بطن القلم
4. قط رأس الخرطوم لعمل سن القلم ثم حرفه حسب نوع كل خط.
قلم الريشة الجاهز وهو مصنوع من الحديد ويكون على شكل أقلام مقطوطة وجاهزة بانحرافات وقياسات مختلفة ومتوفرة في المكتبات.
القلم الجاهز (اللباد): وهو مصنوع من اللباد القاسي وهو جاهز للكتابة ومزود بالحبر ويغذي رأس القلم بالحبر حسب الحاجة ومتوفر بقياسات وأحجام مختلفة ويصلح لهذا النوع من الأقلام للتمارين الخطية وتمتاز هذه الأقلام بما يلي:
1. سهولة استعمالها من قبل المبتدئين والهواة.
2. مرونة سنها وتحريفه يناسب الكتابة العربية وأنواع الخطوط المختلفة.
3. قريب الشبه من أقلام البوص.
4. لا يحتاج لتعبئة مستمرة للحبر فحبره سلس على الورق.
5. له انحرافات تناسب كافة أنواع الخطوط العربية.
. مسكة القلم:
يفضل أن يمسك القلم بإصبعين السبابة والإبهام، وإسناده على الإصبع الوسطى من الرأس وعلى عقد السبابة المتصل بالرسغ وعند وضع القلم على الورق يجب أن يشكل رأس القلم مع السطر زاوية قريبة من 90 درجة .
1. الخط الكوفي :
"كان لعرب اليمن خط يسمى (الخط المسند الحميري) نسبة إلى قبائل حمير، وكان للعرب القانطين في شمالي الحجاز وما حول حوران خط يسمى (الخط النبطي)، نسبة إلى الأنباط الذين كان يسكنون هناك
ثم اشتق أهل الحيرة والأنبار من الخط النبطي خطا يسمى (الخط الحيري أو الأنباري) وانتشر هذا الخط في منطقة الكوفة، فسمي بعد ذلك بالخط الكوفي.
يقول عنه مؤرخو الخط: إنه خط جاف يعتمد على الخطوط المستقيمة القاسية، وكان كتاب الوحي ينسخون به آيات القرآن الكريم بشكل بدائي وبسيط.
ثم انتشر الخط الكوفي في كافة أرجاء الوطن العربي، وقد أخذ الخطاطون في تجويده وتطويره ، وأدخلوا عليه كثيراً من ضروب الزينة، وأخرجوه إخراجاً جديداً، وابتدعوا له أنواعاً فنية رائعة، وقد كتبوا به المصاحف الشريفة، ونقشوا به الآيات الكريمة على جدران المساجد والقصور وشواهد القبور.
ولم يعد الخط الكوفي يكتب بالقصبة، وإنما أصبح يرسم بأقلام التحبير والمسطرة والمثلث والفرجار، واخذ يعتمد على قواعد هندسية تخفف من جموده وزخرفة متصلة أو منفصلة تشكل أرضية الكتابة.
وظل هذا الخط منتشراً مدة خمسة قرون، فمنذ اوائل القرن الثالث عشر الميلادي انتهى استخدام الخط الكوفي في كتابة المصاحف، وحل محله الثلثي الملوكي في مصر، والنسخي الأتابكي في شمال الشام وشمال العراق. أما الفرس فقد أخذوا يستخدموا في كتابة المصاحف خط النسخ إلى جانب الخط الفارسي.
أما في العصر الحاضر فقد أصبح الخط الكوفي فناً قائماً بذاته له مختصين بكتابته( ).
تقنية كتابة حروف الخط الكوفي
1. تكتب حروف الخط الكوفي بزوايا حادة مستقيمة عامودية وأفقية وبقياس عرضه (5ملم) ويصف سيرين الخطوط العامودية والأفقية للخط الكوفي بقوله "إن الأحرف الأفقية والقائمة في الخط الكوفي- المناسب بشكل دائم للتطور الزخرفي- تشكل نظاماً معيناً، فالأحرف القائمة تؤمن بنية الزخرفة وانسجامها والحروف الأفقية تؤمن توازنها واتصالها، وتشكل الأحرف القائمة جهاز مراقبة للأحرف الأفقية"( ).
2. بعض حروف الخط الكوفي، لا تبدأ بنقطة، كالألف، واللام، والدال، والراء، وبعضها لا تبدأ بسن القلم كبدء الواو، والفاء والميم.
3. نهاية الحروف تكون بنس العرض المعتمد للكتابة الكوفية ولا تكون نهاية الحروف دقيقة مثل نهاية الحاء، والطاء، والباء، والصاد، والكاف.
4. تمتاز بعض حروف الخط الكوفي بعدم طمس عقدها بل تكون مفتوحة مثل: الصاد والطاء، والعين، والغين، والقاف، والميم، والهاء، والواو، واللام الف.
5. بعض حروف الخط الكوفي لا تروس (أي لا تبدأ الحروف بنقطة بعرض القلم) مثل الألف، والباء، والجيم، والدال، والراء، والطاء، والكاف، واللام.
6. يطلق على الخط الكوفي عدة مسميات وذلك حسب أشكال وتصاميم حروفه مثل:
7. الكوفي المزخرف: وهو ما تملأ فراغات الحروف بزخارف نباتية وهندسية متنوعة.
8. الكوفي المورق: الذي تنتهي في الأحرف العامودية والأفقية بسيقان رفيعة تحمل وريقات الأشجار المتنوعة.
9. الكوفي المظفر: وهو الذي تترابط وتتداخل حروفه وكلماته بارتباط واحد متشابك.
10. الكوفي الهندسي: وهو ما تكون الأحرف والكلمات منفذة بشكل هندسي خالص حيث تدخل الكتابة في شكل هندسي كمثلث، أو مربع او مستطيل أو دائرة.
ويستعمل الخط الكوفي للكتابة الزخرفية كبيرة الحجم مثل الإعلانات التجارية، كذلك لعناوين الصحف والمؤلفات بأنواعها، والبطاقات الشخصية والدعوات وبطاقات الأفراح.
شكل (5-39ب) يبين قواعد حروف الخط الكوفي
خط الرقعة:
خط الرقعة هو أحد الخطوط التي ابتكرها الأتراك العثمانيون عام 850 هـ/1446م. ثم تطور منذ عهد السلطان محمد الفاتح 1481م، ومروراً بالسلطان سليماني القانوني 1566م، وعبد الحميد الأول 1789م، إلى أن ظهر المستشار بكر ممتاز بن مصطفى أفندي 1809م، فاخترعه من الهماني وحدّد مقاييسه.
يتميز هذا الخط بأن حروفه قصيرة ومداته قليلة وكتابته سريعة، ويتصف بالوضوح وسهولة القراءة.
وكان الهدف من اختراعه تسهيل العملية الكتابية والإسراع بها، وتوحيد، الخطوط عند كافة موظفي الدولة العثمانية، بحيث يكتب جميع الموظفين نمطاً واحداً من الخط الكوفي في كافة المعاملات الرسمية التي ترد لدواوين الحكومة.
ومن أشهر من كتب به من الخطاطين العثمانين محمد عزت والحافظ تحسين ومن الخطاطين المعاصرين حلمي حباب واحمد الحسيني والمؤلف.
وخط الرقعة في الوقت الحاضر يعتبر أصل الكتاب الاعتيادية لأغلب الناس ويستعملونه في أمور حياتهم العملية والعلمية اليومية وذلك بسبب سهولته وسرعته، حيث تتميز حروفه بالوضوح وسهولة القراءة . والخطاط محمد عزت (1841-1900م) أشهر من كتب بخط الرقعة ويعتبر أسلوبه الذي يتميز بانتظام الحروف ووضوحها وانسجامها في الخط مرجعاً لجميع الخطاطين المعاصرين.
شكل (5-41) يبين قواعد حروف خط الرقعة
تقنية كتابة حروف خط الرقعة
1. تكتب حروف خط الرقعة بقلم يتراوح عرض سن بين 2-3ملم وطول حرف الألف 3 نقاط بعرض القلم الذي تكتب به وترتفع قليلاً عن السطر.
2. تكتب كل حروف خط الرقعة فوق السطر الأفقي ما عدا حروف: الجيم والميم، والعين، إذا كانت مفردة أخيرة، والهاء المتوسطة إذا كانت شكل عدد سبعة مائلاً " " فتنزل عن السطر.
3. حروف خط الرقعة تميل جهة اليسار بزاوية خفيفة من أعلى لأسفل بحيث تكون كل الخطوط الرأسية متوازية، ليزيد هذا الميل من رشاقة وخفة في النظر للحروف.
4. بعض حروف خط الرقعة يختلف وضعها في أول الكلام عن وسطه وعن آخره وبعضها يختلف رسمها بالنسبة لما قبلها أو بعدها، فقد تصغر رؤوس بعض الحروف كالميم، والقاف، والفاء، والواو. وبعضها فقدت أسنانها، وتكون الكلمات منسابة على الأسطر، والخطوط الأفقية تميل قليلاً إلى الأسفل، وتكون الخطوط الرأسية من الأعلى على خط واحد.
5. حروف خط الرقعة لا مد فيها، ويجوز للخطاط أن يبدأ ببعض الكلمات فوق أواخر كلمات سابقة وبذلك تختصر المساحة المطلوبة.
6. تتميز حروف خط الرقعة باتصال بعضها ببعض وبخاصة الصاعدة مع الأفقية بحيث تكون معاً زوايا قائمة تقريباً والقليل من الحروف تكون مقوسة.
7. حرف خط الرقعة لا تحتمل التشكيل أو التركيب او الاختزال وهو الخط الوحيد الذي يجوز فيه أن تتصل نقط الشين والفاء والقاف والنون والياء في آخر الحرف،ويستعمل خط الرقعة في الإعلانات التجارية، والمراسلات العامة اليومية، وعناوين الكتب والصحف والمقالات في المجلات المختلفة وفي الدعاية والإعلان.
الخط الديواني والديواني الجلي
الخط الديواني
ابتكره الأتراك العثمانيون، ويقال: إن أول من وضع قواعده وحدد موازينه، الخطاط إبراهيم منيف. وعرف هذا الخط رسمياً بعهد السلطان محمد الفاتح.
وقد عرف هذا الخط بصفة رسمية، حيث أن السلطان العثماني محمد الفاتح قد فنتح القسطنطينية عام 1453م.
ثم جاء الوزير الخطاط شهلا باشا فطّوره وجوّده 1720م في عهد السلطان أحمد الثالث، ويعد محمد عزت 1900م أشهر من كتب ودرس هذا الخط.
شكل (5-43) يبين قواعد حروف الخط الديواني
وسمي بالديواني نسبة إلى دواوين الحكومة التي كان يُكتب فيها، وكلمة (الديوان) أصلها فارسية تعني: المكان الذي يجتمع فيه لفصل الدعاوى، او النظر في أمور الدولة، والكتب الرسمية الواردة للدولة والصادرة منها.
وكان هذا الخط مخصصاً للكتابات الرسمية في ديوان السلطان لتسجيل التعيينات في الوظائف الكبيرة، وتقليد المناصب الرفيعة، وإعطاء البراءات، والإنعام بالأوسمة (النياشين)، وما يصدره السلطان من البلاغات والأوامر. ومن دواوين الدولة. انطلق هذا الخط إلى كافة قطاعات المجتمع.
2. الخط الديواني الجلي
اخترعه الأتراك العثمانيون، وكان مبتكره الوزير العثماني الخطاط الكبير شهلا باشا 1720م. وسمي بالجلي أي الواضح.
يحمل هذا الخط مميزات فنية وخصائص خطية رائعة وجميلة، عرفت في ذلك الوقت، ويعتبر نوعاً متطوراً عن الخط الديواني العادي.
يتصف بأنه خط كثير الشكل، بحيث يملأ الشكل كافة الفراغات فيه فيعطيه شكلاً هندسياً منتظماً، وكان مخصصاً في البداية لكتابة الفرامانات السلطانية (المراسيم الملكية) والرسائل الموجهة للدول الأجنبية.
من مشاهير من تفوق في هذا الخط الخطاطون: شفيق بك، حامد الآمدي.
تقنية كتابة حروف الخط الديواني والديواني الجلي.
- تكتب حروفه بقلم لا يتجاوز عرض سنه 2 ملم، وطول حرف الألف 5 نقاط.
- حروف الخط الديواني تعتمد على أسلوب الزخرفة في الرسم وتتميز حروفه بأنها انسيابية متمايلة تغلب عليها الأقواس الدائرية ذات اليمين وذات اليسار، متداخلة كالأغصان والأوراق تظهر كباقة ورد يانعة متشابكة ويقول سيرين حول جمالية هذا النوع من الخطوط العربية بقوله: "فالجمال الذي ينبثق من الخط الديواني بخطوطه القائمة التي ترتفع مائلة إلى اليسار وحروفه الأفقية التي تنثني معبرة عن روح العظمة ضمن شكل مبالغ فيه، وهو من أهم العناصر التي تعبر عن شخصية هذا الخط".( )
شكل (5-45) يبين قواعد حروف الخط الديواني الجلي
- تكون نهاية حروفه وكلماته على السطر الأفقي مستوية من الأسفل في الأغلب وقد تنزل فيها بعض الحروف كالجيم، والحاء، والخاء، والعين، والغين، والميم ولا تستوي سطوره من الأعلى. ولا يحتمل التشكيل وتكون نقطة مجتمعه ومتفرقة ويجوز كتابتها بشكل دائرة.
- قابلية حروف الخط الديواني للمد ويمكن توزيعها بشكل يناسب وطبيعة المساحة على اللوحة.
- يستعمل الخط الديواني بكثرة في بطاقات دعوات الأفراح والمناسبات المختلفة من مهرجانات ومؤتمرات وعناوين الكتب. وفي كافة أمور الدعاية والإعلان.
- تكتب حروف الخط الديواني الجلي بين خطين متوازيين يكون العرض بينهما هو طول الألف ثم تكتب الكلمات بين الخطين وتكون سطوره مستقيمة من اعلى إلى أسفل وحروفه متداخلة حتى تكون كالقطعة الواحدة، وهو يتيح للخطاط فرصة للإبداع بتراكيب لطيفة ومتنوعة.
- تكتب حروف الخط الديواني الجلي بقلم يتراوح عرض سنه بي 3-5 ملم، للحروف العريضة وبعض الحروف تكتب بربع القلم الأول ذات الأذناب المرسلة الدقيقة وهي (الألف، الجيم، والدال، والواو، والراء).
- تحتاج حروف الديواني الجلي إلى كثير من الرسم والتعديل والتظفير والتفنن في حروفه ذات التقويسات وتملأ الفراغات بين الحروف بالتشكيل ونقط مدورة زخرفية صغير الحجم ويستعمل الخط الجلي الديواني في كتابة الشهادات العلمية، وشهادات المعارض، والعملة الورقية والبطاقات الشخصية وفي أمور الدعاية والإعلان كافة.
منقول عن الشبكة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]